مسار يانون / طانا ” قرى منسية … قوية بأهلها “
الثالث عشر / كانون الثاني من العام 2017 والموافق يوم الجمعة، هو يوم آخر لمسار جديد مع الملتقى الفلسطيني للاستكشاف والتصوير، هذه المرة إلى قرية يانون، ثم إلى خربة طانا، وكلتاهما من المناطق الفلسطينية ” المنسية “. لذلك وكعادتي قررت أن اكتب سطوراً قليلة أنقل فيها تجربتي عسى أن تصل … لكن اسمحوا لي في البداية بتعريفكم على ” قرية يانون ، وخربة طانا “.
يانون وهي قرية فلسطينية تبعد حوالي 15 كيلو متراً عن مدينة نابلس، أجبر معظم ساكنيها على الرحيل من منازلهم قسراً، في وقت تزداد فيه المستوطنات من حولها ازدهاراً، حجماً، وسيطرة على الأراضي تلك القرية التي تبقى فيها 16 عائلة ( يانون الفوقى: 6 عائلات، يانون التحتا: 10 عائلات ). يانون تلك القرية المنسية التي شيدت في العهود الرومانية اختفت الكثير من معالمها وتلاشت.
وصلنا أيضا إلى منطقة ” مقام النبي نون “، ذلك المقام الشريف لنبي اللَّه نون عليه السلام، ذلك المقام المكون من غرفتين، تحيط به باقة من الأشجار المعمرة يخيَّل للناظر إلى تلك البقعة المباركة وكأنها قطعة من الجنة.
وأما خربة طانا، والتي تقع على بعد 5 كيلو متر من بلدة بيت فوريك، إذ تعتبر السلة الغذائية للبلدة، حيث فيها المصيبة الأكبر، فقد تعرضت إلى هدم البيوت والمساكن، ولم تسلم المدرسة أيضا من عمليات الهدم الممنهجة ولا البيوت البلاستيكية المستخدمة بالزراعة. وهم الآن من سكان المغر. في الخربة الآن يمكنك مشاهدة مسجد قديم جدا، ومدرسة جديدة على شكل كرفان كبير، وتلك الأخيرة مهددة بالهدم أيضاً.
تحدثنا في المناطق السابقة مع الأهالي، أخبرونا عن معاناتهم، تجاربهم، قصص أجدادهم، ذكريات الماضي، من الجميل أيضا رؤية البسمة على شفاه أطفال يانون أثناء عرض المهرجين لهم، تلك البسمة ارتسمت في قلوبنا فرحاً لهم. إلا أن الحسرة كبرت في قلوبنا، لم أستطيع تخيّل كيفية العيش بتلك المناطق فلن يعرف ذلك سوى من ذاق المرارة نفسها. تلك الأراضي التي تحيا بصمود أهلها الشجعان، أولئك هم مدرسة الصمود والتحدي التي تروي عطش الأرض الظمأى.
من الجوانب المشرقة، الرائعة، والممتعة في هذه الجولة ( حمزة أسامة العقرباوي )، ذلك الإنسان المجتهد في التراث الفلسطيني القديم، يحفظ كثيراً من قصص التراث ويحمل معه عبق الماضي والأجداد، هو حامي التراث الشعبي الذي بدأ بعدة مشاريع ونشاطات لتدوين كل ما يتعلق بهذا الموضوع، حمزة يستخدم تعبير “حي الضيف” بلباقة عند الترحيب واستهلال الكلام، ألف أيضاً كتاب ” إطلالة المنبر ” الذي يتناول فيه الحكاية الفلسطينية والتراث الفلسطيني.
من جانب آخر، كانت تجربة طيبة، بصحبة أخي ” إبراهيم ” وبقية الأصدقاء المميزين ،،، فهي فرصة جميلة لمقابلة الأصدقاء وممارسة هواية استكشاف الوطن، فرصة لالتقاط الصور، للمناظر الطبيعية، لحظات الفرح مع الأصدقاء لكل ما هو جميل وممتع. كذلك الشاي على الحطب.
شكر خاص للقائمين على الملتقى الفلسطيني للتصوير والاستشكاف، للجانب الإنساني فيهم عندما أتاحوا الفرصة لنقل واقع ييعيشه أناس مصرين على البقاء متمسكين بأرضهم.
أترككم الآن مع القليل من الصور ( الحقوق محفوظة للمصورين في الملتقى )
قصيدة نمر بن عدوان التي تعتبر من أروع الأمثلة في الحنين إلى الديار، قالها حين جلى عن منطقة البلقاء إلى جبال نابلس في فلسطين.
يقول الأمير نمر:
طلّيت فنـدٍ بيـــن طانـــا ويانـــون = فند شمخ ما بين عالي هضابه
ياديرتي ياما مضى بيك عز وفنون = ومنافع ما يوم مصكوك بابه
يـــاحلـــو منازلهـــا بليل كـانـــون = وآذار والخمسان حلو مسا به
تنعاف لو نجمع بها مــال قــارون = ولانزرع كيميـــا مــن ترابــه
وحين شرب من ماء منطقة المالح في جبال نابلس، وهي مياه مالحة، تذكر مياه البلقاء، فقال:
عقب منازل البقعة وميراد بأم الدنانير = أشرب من المالح وكبدي مزيعة
وبأرض الحمى ياحمود تنصب دواوير = يزهى لنا الرونق بنوضة ربيعه
شــرقينـــا عمّــان وغــربينـــا السيـــر = والكـــل منـــا نــازل بــالوسيعـة
ميرادنــا حسبــان ومصدارنــا السبيـل = وأقصــى منازلنــا تلعــة رفيعـه
أشكرك أخي فارس على هذا التعليق الجميل على مدونتي. دمت بكل ود.